کد مطلب:370251 یکشنبه 20 خرداد 1397 آمار بازدید:585

الفصل الرابع: آخر الدواء الکی أو جنت على نفسها براقش












الصفحة 190












الصفحة 191


توضیحات للسیاق التاریخی


1 ـ التعبئة:


قال ابن قتیبة وغیره: «.. فرجع علی، فعبأ أصحابه، فجعل على المیمنة حجر بن عدی، وعلى المیسرة شبث بن ربعی [أو معقل بن قیس]. وعلى الخیل أبا أیوب الأنصاری، وعلى الرجالة أبا قتادة. وعلى أهل المدینة ـ وهم ثمان مئة رجل من الصحابة ـ قیس بن سعد بن عبادة [وقال الشبلنجی، وابن الصباغ: كان على المقدمة]. ووقف علی فی القلب فی مضر.»


2 ـ روایة الأمان:


قال الإربلی: «لم یزل یعظهم، ویدعهم، فلمّا لم یر عندهم انقیاداً ركز لهم رایة أمان».


وعلى حد تعبیر ابن قتیبة «قال: ثم رفع لهم رایة أمان مع أبی أیوب الأنصاری. فناداهم أبو أیوب: من جاء منكم إلى هذه الرایة، فهو آمن [زاد الشبلنجی وابن الصباغ:












الصفحة 192


ممن لم یكن قتل، ولا تعرض لأحد من المسلمین بسوء].


ومن دخل المصر فهو آمن، ومن انصرف إلى العراق، ومن خرج من هذه الجماعة فهو آمن، فانه لا حاجة لنا فی سفك دمائكم»(1).


3 ـ التفرق والتراجع:


زاد ابن الأثیر، والشبلنجی، وابن الصباغ: «ومن انصرف إلى الكوفة، فهو آمن، ومن انصرف إلى المدائن فهو آمن، لا حاجة لنا بعد أن نصیب قتلة إخواننا فی سفك دماءكم. فانصرف فروة بن نوفل الأشجعی فی خمس مئة فارس. وخرجت طائفة أخرى منصرفین إلى الكوفة، وطائفة أخرى إلى المدائن. وتفرق أكثرهم، بعد أن كانوا اثنی عشر ألفاً، فلم یبق منهم غیر أربعة آلاف» (2).


«وأمر الذین استأمنوا أن یعتزلوه، ولا یشاركوا فی الحرب المتوقعة»(3).


4 ـ قبل أن تبدأ الحرب:


«قال: وقدم الخیل دون الرجالة، وصف الناس صفین وراء الخیل، وصف الرماة صفاً أمام صف. وقال لأصحابه كفوا عنهم حتى یبدؤوكم».


____________



(1) راجع المصادر الآتیة فی الهوامش الثلاثة التالیة.


(2) النص الذی بین المعقوفتین نقلناه من: نور الأبصار ص 102 والفصول المهمة لابن الصباغ ص93 والكامل فی التاریخ ج3 ص346. ونعود من جدید لذكر النص الذی هو لابن قتیبة، وسائر المصادر الآتیة فی الهامش التالی..


(3) المصادر فی الهامش التالی ما عدا كتاب الإمامة والسیاسة. والفتوح لابن أعثم ج4 ص125 والمناقب لابن شهر آشوب ج3 ص189.













الصفحة 193


5 ـ «الخوارج» یبدأون الحرب:


«قال وأقبلت الخوارج، حتى إذا دنوا من الناس نادوا: لا حكم إلا لله، ثم نادوا الرواح الرواح إلى الجنة.


قال: وشدوا على أصحاب علی شدة رجل واحد: والخیل أمام الرجال. فاستقبلت الرماة وجوههم بالنبل، فخمدوا.


قال الثعلبی: لقد رأیت «الخوارج» حین استقبلتهم الرماح والنبل كأنهم معز اتقت المطر بقرونها، ثم عطفت الخیل علیهم من المیمنة والمیسرة، ونهض علی فی القلب بالسیوف والرماح، فلا والله ما لبثوا فواقاً حتى صرعهم الله، كأنما قیل لهم موتوا فماتوا».


6 ـ الغنائم:


قال: «وأخذ علی ما كان فی عسكرهم من كل شیء، فأما السلاح والدواب، فقسمه علی بیننا. وأما المتاع والعبید والإماء، فانه حین قدم الكوفة رده على أهله»(1).


تفاصیل فی روایات أخرى:


وفی بعض الروایات: أنهم «رموا أصحابه. فقیل له قد رمونا. فقال:


____________



(1) الإمامة والسیاسة ج1 ص 149 و تجد ما تقدم كلاً أو بعضاً فی المصادر التالیة أیضاً: نور الأبصار ص 102 والكامل فی التاریخ ج3 ص 345 و346 والمناقب لابن شهر آشوب ج3 ص 189 و193 وراجع الفصول المهمة لابن الصباغ ص 93 وكشف الغمة ص 265 والفتوح لابن أعثم ج4 ص 125 والفرق بین الفرق ص 80 والأخبار الطوال ص 207 وراجع البدایة والنهایة ج7 ص 289 وأنساب الأشراف ج2 ص371 و372 وفیه تفاصیل وتوضیحات ومناقب الإمام علی لابن المغازلی ص 414 والبحار ط قدیم ج8 ص 563 و565 وسفینة البحار ج1 ص 383 و384.













الصفحة 194


كفوا. فكرروا القول علیه ثلاثاً، وهو یأمرهم بالكف، حتى أتی برجل قتیل متشحط بدمه.


فقال علی: الله اكبر، الآن حل قتالهم، احملوا على القوم الخ..»(1).


وقال ابن الطقطقا: «لما التقى «الخوارج» بالنهروان أجفلوا قدامه إلى ناحیة الجسر. فظن الناس أنهم قد عبروا الجسر فقالوا لعلی (علیه السلام): یا أمیر المؤمنین، إنهم قد عبروا الجسر؛ فالقهم قبل أن یبعدوا.


فقال أمیر المؤمنین (علیه السلام): ماعبروا وان مصارعهم دون الجسر، والله لا یقتل منكم عشرة ولا یبقى منهم عشرة.


فشك الناس فی قوله، فلما أشرفوا على الجسر رأوهم لم یعبروه، فكبر أصحاب أمیر المؤمنین (علیه السلام) وقالوا له:


هو كما قلت یا أمیر المؤمنین.


قال: نعم والله، ما كذبت ولا كذبت، فلما انفصلت الوقعة، وسكنت الحرب اعتبر القتلى من أصحاب علی (علیه السلام)، فكانوا سبعة»(2).


ثلاث حملات للخوارج:


وتذكر بعض النصوص: أن «الخوارج» قاموا فی بدایة الأمر بحملات ثلاث ضد جیش أمیر المؤمنین (علیه السلام)، الذی كان یقارب عدده


____________



(1) راجع بعض المصادر فی الهامش السابق.


(2) الفخری فی الآداب السلطانیة ص95.













الصفحة 195


عدد «الخوارج»، ففشلوا فی حملاتهم تلك.


فقد روى الخطیب البغدادی: «أن الخوارج حملت على الناس، حتى بلغوا منهم شدة. ثم حملوا علیهم الثانیة، فبلغوا من الناس أشد من الأولى، ثم حملوا الثالثة حتى ظن الناس أنها الهزیمة.


فقال علی: والذی فلق الحبة، وبرأ النسمة، لا یقتلون منكم عشرة، ولا یبقى منهم عشرة.


فلما سمع الناس ذلك حملوا علیهم، فقتلوا»(1).


عدد القتلى والناجین:


وقد كانت هذه الحملات بعد أن رجع من «الخوارج» من رجع، وانصرف منهم من انصرف، ودارت رحى الحرب، ثم انجلت عن الباقین، وقد قتلوا جمیعاً، ولم یفلت منهم إلا أقل من عشرة.


وقد اختلفوا فی عدد من قتل منهم.


فقیل خمسة آلاف تقریباً.


وقیل أربعة آلاف.


وقیل أقل وأكثر من ذلك(2).


____________



(1) تاریخ بغداد ج14 ص 365.


(2) راجع الثقات لابن حبان ج2 ص 296 وتاریخ الیعقوبی ج2 ص193 والفتوح لابن أعثم ج4 ص 125 و123 ومناقب الإمام علی لابن المغازلی ص 415 واثبات الوصیة ص 147 وأنساب الأشراف [بتحقیق المحمودی] ج2 ص 371 والخرائج والجرائح ص 209 والبحار ط قدیم ج8 ص 562 و562 والبدایة والنهایة ج7 ص 289 وتاریخ بغداد ج1 ص 182 وكشف الغمة ج1 ص 267 ومروج الذهب ج2 ص













الصفحة 196


وجزم المنقری أن الذین قتلوا من المحكمة على قنطرة البردان كانوا خمسة آلاف(1).


وقیل: كانوا ستة آلاف رجع منهم ألفان، وقتل الباقون(2).


وقال أبو وائل: كانوا أربعة آلاف، رجع منهم ألفان، وقتل الباقون(3).


وقال بعضهم: أصح الأقاویل: إن المقتولین كانوا ألفین وثمان مئة(4).


وقیل: ألف وخمس مئة.. وألف وثمان مئة(5).


وعند بعضهم: لم یخطئ السیف منهم عشرة آلاف(6).


ویظهر من بعض النصوص أن هذه الأرقام إنما تتحدث عن الفرسان منهم دون الرجالة(7).


وقد یقال: إن من قال: إن عدد المقتولین كان عشرة الاف. إنما


____________



<=


406 والفصول المهمة، لابن الصباغ ص 93 والأخبار الطوال ص 210.


(1) صفین ص 855.


(2) راجع المستدرك على الصحیحین ج2 ص 150 ـ 52 وخصائص أمیر المؤمنین للنسائی ص 147 وتلخیص مستدرك الحاكم [مطبوع بهامش المستدرك]. وفی هامش الخصائص عن المناقب لابن شهر آشوب ج1 ص 267 والبدایة والنهایة ج7 ص 276 و281 وتاریخ الیعقوبی ج2 ص 167.


(3) شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید المعتزلی ح4 ص 99.


(4) شذرات الذهب ج1 ص51 والعقد الفرید ج2 ص490 والجوهرة فی نسب علی (علیه السلام) وآله ص108 وبهج الصباغة ج7 ص168 و185..


(5) معجم الأدباء ج5 ص264.


(6) البدء والتاریخ ج5 ص 136 و137.


(7) أنساب الأشراف [بتحقیق المحمودی] ج2 ص371.













الصفحة 197


قصد جمیع «الخوارج»، وفی جمیع المعارك والحروب التی خاضوها من بدء ظهورهم، إلى وفاة أمیر المؤمنین (علیه الصلاة والسلام)..


عدد الشهداء، وعدد من افلت:


قد استفاض النقل: عن أمیر المؤمنین (علیه السلام): أنه أخبر أصحابه أنه لا یفلت من أهل النهروان إلا أقل من عشرة، ولا یقتل من أصحابه حتى عشرة فكان كما قال(1).


وقیل: لم یقتل من أصحابه (علیه السلام) سوى رجلین(2).


____________



(1) راجع الفرق بین الفرق ص80 والفتوح لابن أعثم ج4 ص 120 ومجمع الزوائد ج6 ص241 و42 والمحاسن والمساوئ ج2 ص 98 والمناقب للخوارزمی ص 185 والكامل فی الأدب ج3 ص 187 ومناقب الإمام علی (علیه السلام) لابن المغازلی ص 406 و415 وبهج الصباغة ج7 ص 187 عن تاریخ بغداد ترجمة أبی سلیمان المرعشی والمناقب لابن شهر آشوب ج2 ص 99 ط الحیدریة فی النجف ج3 ص 190 و311 عن یعقوب بن شیبة فی كتاب: مسیر علی، وعن مسدد، وعن خشیش فی الاستقامة عن أبی مجلز وابن النجار عن یزید بن رویم وكنز العمال ج11 ص 272 و276 وعن مسدد، وخشیش والبیهقی وابن النجار والطیالسی، ویعقوب بن شیبة، والبحار ط حجریة ج8 ص 563 و565 و554 وج 4 ص 307 وشرح نهج البلاغة للمعتزلی ج2 ص273 والخرایج والجرایح ط حجری ص 209 والفخری فی الآداب السلطانیة ص 95 وسفینة البحار ج1 ص384 والكامل فی التاریخ ج3 ص 345 و348 ومروج الذهب ج2 ص 405 و406 والفصول المهمة لابن الصباغ ص 93 و94 وأنساب الأشراف [بتحقیق المحمودی] ج2 ص 373 وعن سنن الدارقطنی [كتاب الحدود] ص 343 وكشف الغمة للاربلی ج1 ص 267 وتاریخ بغداد ج14 ص 365.


(2) راجع: البدایة والنهایة ج7 ص 291 والسنن الكبرى ج8 ص 170 و171 كلاهما عن مسلم، وسنن أبی داود ج4 ص 245 وخصائص أمیر المؤمنین (علیه السلام) ص 145 والریاض النضرة ج3 ص 225 والمصنف للصنعانی ج10 ص 184 وفرائد السمطین ج1 ص 276 ونظم درر السمطین ص117 وكفایة الطالب ص177 وكنز العمال ج11 ص281 عن مسلم وعبد الرزاق وأبی عوانة.. والبیهقی، وخشیش، وفی هامش الكنز عن مسلم ج1 ص 343.













الصفحة 198


وفی نص آخر: «اعتبر القتلى من أصحاب علی فكانوا سبعة»(1).


أسماء الشهداء:


وقد سمى ابن أعثم الذین استشهدوا فی النهروان من أصحاب أمیر المؤمنین (علیه السلام)، وهم:


1 ـ رویبة بن وبر البجلی. وعند ابن شهر آشوب فی موضع آخر: رؤبة.


2 ـ عبدالله بن حماد الحمیری ـ وعند ابن شهر آشوب: الأرحبی.


3 ـ رفاعة بن وائل الأرحبی.


4 ـ كیسوم بن سلمة الجهنی.


5 ـ حبیب بن عاصم الأزدی.


وفی موضع عند ابن شهر آشوب: خب بن عاصم الأسدی.


6 ـ عبدالله بن عبید الخولانی إلى تمام التسعة وعند ابن شهر آشوب عبید بن عبید الخولانی.


ثم كان الاشتباك العام، فلم یقتل من أصحاب علی (علیه السلام) سوى أولئك التسعة(2).


وذكر ابن شهر آشوب:


1 ـ رؤبة.


2 ـ رفاعة.


____________



(1) الفخری فی الآداب السلطانیة ص95.


(2) الفتوح لابن أعثم ج4 ص127 أو 128.













الصفحة 199


3 ـ كیسوم.


4 ـ حبیب.


5 ـ الفیاض بن خلیل الأزدی.


6 ـ سعد بن خالد السبیعی.


7 ـ جمیع بن جشم الكندی.


إلى تمام تسعة(1).


الرقم المشبوه:


غیر أن ثمة نصاً آخر یقول:


إن الذین قتلوا من أصحاب أمیر المؤمنین (علیه السلام) كانوا اثنی عشر رجلاً، أو ثلاثة عشر رجلاً(2).


ونقول:


إن هذا الكلام لا یمكن قبوله.


1 ـ لأنه مخالف لما اتفقت علیه كلمة عامة أهل الحدیث والتاریخ. حیث اتفقت كلمتهم على أن من استشهد كانوا اقل من عشرة.


2 ـ إنه مخالف لما أخبر به أمیر المؤمنین (علیه السلام)، ولیس ذلك من قبیل الكهانة منه (علیه السلام). ولا هو من قبیل التوقعات المبنیة على معطیات واقعیة، وأرقام وحسابات حسیة، فإن وقعة النهروان لا تختلف عن غیرها، فلماذا یتكهن بهذه النتائج، أو لماذا یتوقعها هنا، ولا یتكهن


____________



(1) مناقب آل أبی طالب ج3 ص190 ط المطبعة العلمیة بقم وج2 ص99 ط الحیدریة فی النجف سنة 1376 هـ. والبحار ج41 ص 307.


(2) خصائص الإمام أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب (علیه السلام) للنسائی ص 143.













الصفحة 200


أو یتوقع نتائج حرب الجمل، أوصفین، وما هی المعطیات التی تجعل للنهروان هذه النتائج المذهلة. والتی یفترض أن تكون على عكس ذلك تماماً إذا لوحظت عدة وعدد الطرفین المتحاربین ـ وقد كانت مفقودة فی حربی صفین والجمل..


3 ـ إن هذه الأخبار منه (علیه السلام) قد جاءت على سبیل الإخبار بالغیب الذی یخوله مقام الإمامة، وهو علم توقیفی أخذه عن رسول الله (صلى الله علیه وآله) عن الله سبحانه..


ولعل هؤلاء المشككین یریدون إثارة الشبهة حول هذه النقطة بالذات، لأنها هی التی تهدم بیوت العناكب التی بنوها، وسجنوا أنفسهم فی داخلها. وتثبت إمامة علی وبغی كل من ناوأه وخالفه.


الذین أفلتوا إلى أین صاروا!؟


ویقال: إن هؤلاء الذین افلتوا من القتل كانوا تسعة وقد أصبحوا بذرات أخرى للخوارج فی مناطق عدیدة فیما بعد..


فقد سار منهم رجلان إلى سجستان، ورجلان إلى عمان، ورجلان إلى الیمن، ورجلان إلى ناحیة الجزیرة، ورجل إلى تل مورون فی الیمن، فـ«الخوارج» فی هذه البلاد من أتباع هؤلاء(1).


____________



(1) راجع: الملل والنحل ج1 ص117 والفرق بین الفرق ص 80 و81 والفتوح لابن أعثم ج4 ص 132 والبحار ط قدیم ج8 ص 565 عن كشف الغمة ص 572 وط جدید ج41 ص 307 عن المناقب وسفینة البحار ج 1 ص 384 وكشف الغمة ج1 ص 267 والفصول المهمة لابن الصباغ ص 93 واثبات الوصیة ص 148 ذكر أن الخارجة یوم القیامة من نسل أولئك الأربعة ومناقب آل أبی طالب ط الحیدریة فی النجف الأشرف ج2 ص99.













الصفحة 201


وعلى حد تعبیر ابن أعثم:


«فاختلط القوم، فلم تكن إلا ساعة حتى قتلوا بأجمعهم، وكانوا أربعة آلاف فما فلت منهم إلا تسعة نفر. فهرب منهم رجلان إلى خراسان، إلى أرض سجستان، وفیها نسلهما إلى الساعة. ورجلان صارا إلى بلاد الجزیرة، إلى موضع یقال له سوق التوریخ، وإلى شاطئ الفرات، فهناك نسلهما إلى الساعة. وصار رجل إلى تلّ یقال له: تل موزن»(1).


عدد من أفلت:


لقد ظهر صدق ما أخبر به علی أمیر المؤمنین (علیه السلام) حیث لم ینج من خوارج النهروان إلا أقل من عشرة.


فقیل: أربعة(2).


وقیل: خمسة(3).


وقیل: تسعة كما سنرى..


وقیل: إن الذین أفلتوا كانوا عشرة(4).


وقیل غیر ذلك..


____________



(1) الفتوح لابن أعثم ج4 ص132. وراجع: نور الأبصار ص 102 مع بعض الاختلاف. وكذا الفصول المهمة لابن الصباغ ص 93.


(2) إثبات الوصیة ص 147.


(3) الكامل فی الأدب ج3 ص 237.


(4) مروج الذهب ج2 ص 406.













الصفحة 202


القول المشبوه:


ولنا وقفة هنا مع هذا القول الأخیر الذی یدعی: أن الذین أفلتوا من النهروان كانوا عشرة..


فإننا نعتبره قولاً مكذوباً لدواع مریبة، وغیر نبیلة. فان الظاهر هو أن المقصود به التشكیك فیما أخبر به عن أمیر المؤمنین (علیه السلام) من أنه سوف لا یفلت من «الخوارج» عشرة.. والإیحاء بأن هذا من قبیل الكهانة منه (علیه السلام)، ولا تستند إلى أساس، أومن قبیل التوقعات المستندة إلى التحلیلات الشخصیة التی تعتمد تحلیل الوقائع والأرقام المتوفرة.


والحقیقة: هی أنه غیب اختص به (علیه السلام) لیكون دلیلاً على إمامته، ولیثبت به وبنظائره التی تفوق حد الحصر: أنه (علیه السلام) هو الإمام الحق، وأن من حاربه مبطل وباغ على إمامه المنصوب من قبل الله ورسوله..


تشكیك آخر فی عدد من أفلت:


وقد یقول البعض:


إنه قد ذكر فیما تقدم: أن الذین افلتوا من «الخوارج» فی معركة النهروان كانوا أقل من عشرة.


وذلك غیر مقبول، لأن «الخوارج» كانوا كثیرین بعد النهروان، وقد خرجوا على أمیر المؤمنین خمس خرجات(1). فكیف یقال: إن من أفلتوا كانوا أقل من عشرة؟؟


____________



(1) راجع مقالات الإسلامیین ج1ص195ـ196.













الصفحة 203


ونقول:


أولاً: إن الكلام هو عمن حضر واقعة النهروان منهم.. فالخارجون بعد النهروان إنما هم أناس آخرون، ولعلهم من أولئك الذین أعلنوا الانصراف والرجوع عن الحرب بسبب احتجاج علی (علیه السلام) علیهم قبل نشوب الحرب فی النهروان..


ثانیاً: إن النص یصرح بأن هؤلاء التسعة الذی تفرقوا فی البلاد، قد كانوا بمثابة بذرات نشأ عنها مئات من «الخوارج» فی تلك المناطق.. ولا ینافی ذلك وجود خوارج آخرین كانوا فی مناطق العراق قد خرجوا على أمیر المؤمنین (علیه السلام) أكثر من مرة. وخرجوا بعد ذلك على غیر أمیر المؤمنین (علیه السلام) أیضاً.


الاختلاف فی عدد من أفلت:


یبقى أن نشیر: إلى أن الاختلاف فی عدد من افلت، هل هو أربعة، أو خمسة، أو تسعة؟! الخ.. أمر طبیعی، ما دام أن الذین أفلتوا قد هربوا فی البلاد، وقد لا تتوافر الأخبار عنهم بصورة تامة عند هذا أو ذاك، فیخبر كل واحد عما توفر لدیه بحسب ظروفه وواقعه..


على أن من الممكن أن یكون المراد بقوله (علیه السلام): لا یسلم أو لا یفلت منهم عشرة هو السلامة من القتل والجراح معاً، فلیكن السالم من القتل هو هذا العدد. وهو تسعة، ومن القتل والجراحة معاً هو ذلك العدد: خمسة، أو أربعة مثلاً.


دفن قتلى «الخوارج»:


ویقول المؤرخون: طاف عدی بن حاتم فی القتلى وطلب ابنه












الصفحة 204


طرفة، فوجده فدفنه، ودفن رجال من المسلمین قتلاهم.


فقال علی حین بلغه: أتقتلونهم، ثم تدفنونهم؟! ارتحلوا، فارتحل الناس(1).


ونقول:


إن هذا الاجراء من أمیر المؤمنین (علیه السلام)، حیث أمرهم، بالرحیل، ولم یرض بأن یتولوا هم دفن قتلى «الخوارج»، قد یكون سببه هو أن لا یعرض أصحابه إلى حالة من الندم والحسرة، وأن لا یثیر عاطفتهم تجاه من كان من «الخوارج».. من أرحامهم وأقاربهم.. فإن ذلك قد ینتهی بهم إلى الشعور بعقدة الذنب، والإحساس بأن قتلهم قد یرقى إلى مستوى الجریمة..


ولكن لابد من استثناء من هو مثل عدی بن حاتم، فإنه من الذین لا یشك فی صلابتهم فی دینهم، ووضوح الرؤیة لدیهم، وبعد النظر، وقوة الإرادة، إلى حد یأمن معه غائلة الانسیاق وراء العواطف، والوقوع تحت تأثیر المصاب..


الأسرى والغنائم:


قال عبد الله بن قتادة: كنت فی الخیل یوم النهروان مع علی، فلما أن فرغ منهم وقتلهم لم یقطع رأساً، ولم یكشف عورة(2).


____________



(1) راجع كلاً من الكامل فی التاریخ ج3 ص348 وتاریخ الأمم والملوك ج4 ص66 ط الاستقامة.


(2) كنز العمال ج11 ص 312.













الصفحة 205


وقد غنم أصحاب علی فی ذلك الیوم غنائم كثیرة(1).


وعن عرفجة عن أبیه قال: جیء علی بما فی عسكر أهل النهروان فقال: من عرف شیئاً فلیأخذه، فأخذوه(2).


وعن عرفجة عن أبیه قال: شهدت علیاً حین ظهر على أهل النهروان، فأمر بورثتهم فأخرجت إلى الرحبة ثم قال للناس: من عرف شیئاً فلیأخذه. فجعل الناس یأخذون ما عرفوا حتى كان آخر ذلك قدر من نحاس، فمكثنا ثلاثة أیام لا یعرفها أحد، ثم فقدتها، فلا أدری من أخذها(3).


ویقولون أیضاً: «وجد علی (علیه السلام) ممن به رمق أربعمائة. فدفعهم إلى عشائرهم، ولم یجهز علیهم، ورد الرقیق [والمتاع] على أهله حینما قدم الكوفة، وقسم الكراع والسلاح وما قوتل به بین أصحابه»(4).


زاد الدینوری قوله: «وأمر بما سوى ذلك فدفع إلى وراثهم»(5).


وعن النزال بن سبرة: «أن علیاً لم یخمس ما أصاب من «الخوارج» یوم النهروان. ولكن رده إلى أهله كله، حتى كان آخر ذلك رحل أتی به،


____________



(1) الفتوح لابن أعثم ج4 ص133.


(2) كنز العمال ج11 ص309.


(3) تاریخ بغداد ج11 ص 3.


(4) أنساب الأشراف [بتحقیق المحمودی] ج2 ص374 /375 وتاریخ الطبری ج4 ص66. والأخبار الطوال ص211 وتذكرة الخواص ص105 عن الواقدی والبدایة والنهایة ج7 ص289 والكامل لابن الأثیر ج3 ص 348 ولم یذكر من بهم رمق وفی مروج الذهب ج2 ص207 قال: [قسم السلاح والدواب بین المسلمین ورد المتاع والعبید والإماء إلىأهلهم].


(5) الأخبار الطوال ص211.













الصفحة 206


فرده»(1).


وكذلك فعل (علیه الصلاة والسلام) بجرحاهم الأربعین الذین سقطوا فی سواد الكوفة، فإنه أدخلهم الكوفة أیضاً، وأمر بمداواتهم، ثم قال لهم: إلحقوا بأی البلاد شئتم.


وعن شقیق بن سلمة، قال: لم یسب علی یوم الجمل، ولا یوم النهروان(2).


تاریخ وقعة النهروان بالتحدید:


قال الحموی: «بین خروجه إلى «الخوارج»، وقتل ابن ملجم لعنه الله تعالى له سنة وخمسة اشهر وخمسة أیام»(3).


وثمة أقوال أخرى فی ذلك.


ولا یعنینا تحقیق هذا الأمر كثیراً، ولذا فنحن نكتفی هنا بهذا النقل.


ذو الثدیة والراسبی:


قد یظهر من نصوص كثیرة: أن ذا الثدیة قد استخرج من بین القتلى، وأنه كان قد قتل أثناء المعركة قبل استخراجه..


غیر أن نصاً آخر یقول: إنه استخرج حیاً، ثم قتل، وأن الراسبی لم یقتل فی المعركة.


یقول النص: «وكان المخدج ذو الثدیة قد دخل تحت القنطرة، والتاط سقفها.


____________



(1) البدایة والنهایة ج7 ص 290.


(2) كنز العمال ج7 ص 321.


(3) معجم الادباء ج5 ص264.













الصفحة 207


فقال علی: اطلبوه، ما كذب رسول الله.


فحمحمت البغلة، فنظروا فإذا هو تحت القنطرة، فأخرج، وقتل. ورجع عبدالله بن وهب قبل القتال..»(1).


ویستوقفنا فی هذا النص ما یلی:


1 ـ قوله: عن ذی الثدیة! انـه قد استخرج حیا، ثم قتل.. ولا نستطیع أن نكذب هذا النقل، فإنه محتمل، ومعقول.


2 ـ إن قوله: إن عبدالله بن وهب قد رجع قبل القتال یخالف إجماع المؤرخین..


والذی یبدو لنا: أنه قد اشتبه الأمر على الراوی بین عبدالله بن الكواء وعبدالله بن وهب. فإن الذی رجع قبل القتال هو ابن الكواء، لا ابن وهب.


3 ـ إنه (علیه السلام) قد بین لنا: أنه حین یخبر عن ذی الثدیة، فانه لا یخبر اجتهاداً ورأیاً، بل هو یخبر عن رسول الله (صلى الله علیه وآله) وسلم..


وقد أكد (علیه السلام) على هذا الأمر فی أكثر من موضع.. وقد ظهر من الاستعانة ببغلة رسول الله (صلى الله علیه وآله)، وإرشادها إلى موضع وجود ذی الثدیة: أن هذا الأمر هو من الغیب الذی یراد له أن یرسخ الیقین لدى الناس بصوابیة موقف أمیر المؤمنین (علیه السلام)..


الشك فی قطع ید المخدج:


ویذكر الطبری نصاً یقول: إنهم حین وجدوا المخدج، وأخبروا علیاً (علیه السلام) بذلك قال: «اقطعوا یده المخدجة، وائتونی بها، فلما


____________



(1) البدء والتاریخ ج5 ص 136 ـ 137.













الصفحة 208


أتی بها أخذها ثم رفعها وقال: والله، ما كذبت، ولا كذبت»(1).


ونحن نشك فی صحة هذا النص إذ أن ذلك من قبیل المثلة، ولم یكن أمیر المؤمنین (علیه السلام) لیقدم على أمر كهذا.


ویمكن الرد على ذلك.. بأنه (علیه السلام) إنما قصد إثبات صحة ما كان أخبر به أصحابه عن رسول الله (صلى الله علیه وآله)، من مروق «الخوارج»، وآیة ذلك وجود المخدج بینهم.


ولكنه رد غیر صحیح، فقد كان بإمكان أمیر المؤمنین أن یری الناس المخدج نفسه على ما هو علیه وأن یرفع لهم یده لیروها، من دون حاجة إلى قطع یده المخدجة..


بل إن ذلك یكون أبلغ فی الحجة، وأبعد عن التشكیك بالنسبة لمن لم یره قبل قطعها..


وقد ذكرت بعض النصوص: أنه (علیه السلام) قد رفع یده المخدجة لیراها الناس، ولم یزد على ذلك.. وسیأتی ذلك فی فصل:


قتل المخدج طمأن القلوب:


قد تقدمت نصوص كثیرة دلت على اهتمام علی (علیه السلام) بأمر ذی الثدیة، وشكره لله، وسجوده، حین وجدوه. ونورد هنا نصاً واضح الدلالة على أن قتل ذی الثدیة كان له أثره الكبیر على روح الناس وبث الطمأنینة فی نفوسهم..


فقد روی عن أبی كثیر مولى الأنصار، قال: كنت مع سیدی، مع


____________



(1) تاریخ الأمم والملوك ج4 ص69.













الصفحة 209


علی بن أبی طالب رضی الله عنه، حیث قتل أهل النهروان، فكأن الناس وجدوا فی أنفسهم من قتلهم فقال علی رضی الله عنه:


یا أیها الناس، إن رسول الله (صلى الله علیه وآله) قد حدثنا بأقوام یمرقون من الدین كما یمرق السهم من الرمیة، ثم لا یرجعون فیه أبداً، حتى یرجع السهم على فوقه. وإن آیة ذلك: أن فیهم رجلاً أسود، مخدج الید، أحد ثدییه كثدی المرأة، لها حلمة كحلمة ثدی المرأة، حوله سبع هلبات، فالتمسوه فإنی أراه فیهم.


فالتمسوه، فوجدوه إلى شفیر النهر، تحت القتلى، فأخرجوه. فكبر علی رضی الله عنه، فقال:


الله أكبر. صدق الله ورسوله.


وإنه لمتقلد قوساً له، عربیة، فأخذها بیده، فجعل یطعن بها فی مخدجیه، ویقول: صدق الله ورسوله.


وكبر الناس حین رأوه، واستبشروا، وذهب ما كانوا یجدون(1).


وفی نص آخر قال: سار علی (علیه السلام) إلى النهروان، فقتل «الخوارج»، ثم قال: اطلبوا، فإن النبی (صلى الله علیه وآله) قال: سیجیء قوم یتكلمون بكلمة الحق لا یجاوز حلوقهم، یمرقون من الإسلام كما یمرق السهم من الرمیة، سیماهم، [أو قال]: فیهم رجل أسود مخدج الید فی یده شعرات سود. إن كان فیهم فقد قتلتم شر الناس. وإن لم یكن فقد قتلتم خیر الناس.


قال: ثم إنا وجدنا المخدج، قال: فخررنا سجوداً، وخر علی ساجداً


____________



(1) مسند أحمد ج1 ص 88.













الصفحة 210


معنا(1).


«الخوارج» بعد النهروان:


إن هناك أقواماً من الناس قد یكون أكثرهم من أولئك الذین استأمنوا فی النهروان، أو أنهم رجعوا بسبب احتجاجات علی (علیه السلام) وأصحابه علیهم، أو ممن یشبهون «الخوارج» فی عقلیاتهم، ونظرتهم إلى الأمور..


إن هذه الجماعات والأقوام قد جنح بهم شذوذهم وجهلهم، وحماسهم الأعمى إلى أن یغامروا بحیاتهم وبمستقبلهم، فیعلنون العصیان، ویخرجون عن الطاعة. فكانت لهم بعد النهروان خرجات على الإمام (علیه السلام) فی شراذم قلیلة، فی بضعة مئات، أو أقل أو أكثر، وخرج فی بعضها علیه ألفان منهم.. فكان یقضی على تلك الحركات الواحدة تلو الأخرى بیسر وسهولة.. فخرجوا علیه بالإضافة فی النخیلة، فی: الانبار، وماسندان، وجرجرایا، والمدائن، وسواد الكوفة (2).


وحین خرج أبو مریم وظفر بهم أمیر المؤمنین (علیه السلام) فآمن خمسین رجلاً منهم استأمنوا، وقتل سائرهم(3).


ویلاحظ هنا: إن أؤلئك الذین استأمنوا إلیه، وطلب منهم (علیه السلام) أن یعتزلوه، ولا یشاركوا معه فی قتال إخوانهم من أهل النهروان، والذین جرحوا وداواهم، هم أنفسهم الذین خرجوا علیه فی النخیلة،


____________



(1) مسند أحمد ج1 ص108 و147.


(2) راجع الفرق بین الفرق ص 81، ومقالات الإسلامیین ج1 ص 195/196 وتاریخ ابن خلدون ج3 ص 142 والكامل لابن الأثیر ج3 ص 372/373 وغیر ذلك.


(3) راجع أنساب الأشراف [بتحقیق المحمودی] ج2 ص486..













الصفحة 211


وعلى غیره بعد ذلك فی عدة مناسبات مثل حیان بن ظبیان، ومعاذ بن جوین، وغیرهما (1).


ویذكر المؤرخون: أن ابن عباس هو الذی خرج لقتال «الخوارج» بالنخیلة فاستأصلهم، ولم یفلت من القتل إلا خمسة(2).


وذلك یوضح: أن النكسات كانت تتوالى على «الخوارج» على وتیرة واحدة، وهی تظهر مدى ضعفهم وجبنهم، وضعف إیمانهم.


«الخوارج» بعد علی:


ویلاحظ: أن «الخوارج» الذین كانوا مهزومین ـ باستمرار ـ مع علی، قد حاربوا الأمویین بضراوة وعنف. واستمرت حروبهم لهم عشرات السنین. وقد أنهكت هذه الحروب الحكم الأموی، حتى أن انشغال مروان بن محمد الجعدی بحروب «الخوارج» كان هو السبب فی عدم تمكنه من نجدة عامله على شرق البلاد، وهو نصر بن سیار، وأرسل إلیه: الشاهد یرى ما لا یرى الغائب..


وتلاحقت حروبهم للعباسیین بعد ذلك ردحاً من الزمن، ثم خارت قواهم، وتلاشت حركاتهم، ولا تزال لهم بقایا فی بعض البلاد إلى یومنا هذا.


نبوءة صادقة لعلی (علیه السلام):


وان الحالة التی انتهى الیها «الخوارج»، قد أخبر عنها أمیر المؤمنین


____________



(1) راجع: الكامل للمبرد ج3 ص 196 و136 و236 و238 وتاریخ ابن خلدون ج3 ص143 وراجع: الخوارج والشیعة ص 51.


(2) راجع: قضایا فی التاریخ الإسلامی ص 81 عن الكامل فی الأدب ج3 ص 975.













الصفحة 212


(علیه السلام)؛ فقد قال الناس لعلی (علیه السلام): عن «الخوارج»: هلا ملت یا أمیر المؤمنین على هؤلاء فأفنیتهم؟!.


فقال: إنهم لا یفنون، إنهم لفی أصلاب الرجال، وأرحام النساء إلى یوم القیامة(1).


وقد ظهر صدق هذا الكلام عبر التاریخ،.. حتى لقد قال المهلب الذی اخذ على عاتقه حربهم دفاعاً عن بنی أمیة: «ما رأیت ـ تالله ـ كهؤلاء القوم، كلما انتقص منهم یزید فیهم»(2).


نعم.. وهذه بقایاهم لا تزال موجودة فی العدید من المناطق، مثل عمان، ولیبیا وغیرها من بلاد شمال افریقیة، وان كان وجوداً ضعیفاً وهزیلاً.. هو الآخر قد جاء تصدیقاً لقول أمیر المؤمنین (علیه السلام): الذی أخبر أن آخرهم سیكونون لصوصاً سلابین.


____________



(1) شرح نهج البلاغة للمعتزلی ج2 ص 211.


(2) شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید ج4 ص 199.














الصفحة 213